"نيويورك تايمز": ترامب يحوّل "هارفارد" إلى رسالة تحذير للمعارضين
"نيويورك تايمز": ترامب يحوّل "هارفارد" إلى رسالة تحذير للمعارضين
أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملة ضغط غير مسبوقة ضد جامعة هارفارد، إحدى أعرق مؤسسات التعليم العالي في الولايات المتحدة، متهمًا إدارتها بمعاملة البلاد بـ"ازدراء كبير"، على حد تعبيره.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، الأربعاء، اعتبر ترامب أن الجامعة تتحمل وحدها مسؤولية الإجراءات الفيدرالية الأخيرة التي أوقفت التمويل عنها، واصفًا قراراته بأنها ضرورية لحماية "مصلحة البلاد ومصلحة هارفارد في الوقت ذاته".
وسعى الرئيس ترامب، منذ عودته إلى البيت الأبيض، إلى إرسال رسالة واضحة: لا تسامح مع المعارضة، وركّز على تحويل المعارضين إلى أمثلة يُحتذى في الخضوع، أو يُعاقبون علنًا عند الرفض.
ورفض ترامب وصف سلوكه بالعدائي، وأصر على أن الخطأ يقع دومًا على عاتق الطرف الآخر، وقال في تصريحه الأخير من المكتب البيضاوي: "هارفارد تُخطئ، وتُصرّ على التورط أكثر، وعليها أن تُحسن التصرف".
اعتبر مسؤولو الإدارة الأمريكية أن تصعيد الرئيس مع الجامعة يُمثل اختبارًا حاسمًا لكيفية تعامل مؤسسات النخبة مع السلطة التنفيذية، مشيرين إلى أن "العمل مع الرئيس هو الخيار العقلاني الوحيد"، حسب تعبير المتحدث باسم البيت الأبيض هاريسون فيلدز.
واستمر الرئيس ترامب في التعامل مع السلطة بوصفها وسيلة للمواجهة لا للتوافق، وأكد مساعدوه أن قراراته، ومنها إصدار أوامر تنفيذية ضد شركات محاماة كبرى، تأتي ردًا على ما وصفوه بـ"العداء المسبق" من تلك المؤسسات، واستشهدوا بشركة "كادوالادر، ويكرشام وتافت"، التي اتُهمت بالتمييز ضد ترامب بعد رفضها قبول أحد شركائها له كموكّل.
استهداف المشاهير والفنانين
لم يكتفِ الرئيس ترامب باستهداف المؤسسات، بل وجّه سهامه أيضًا إلى شخصيات حكومية سابقة، دعا إلى التحقيق مع مسؤول الأمن الداخلي السابق مايلز تايلور، الذي كتب مقالًا وكتابًا ينتقدان سياسات ترامب، وكذلك مع كريس كريبس، المدير السابق للأمن السيبراني، بعد تصريحاته بأن انتخابات 2020 كانت نزيهة.
وجّه ترامب انتقادًا شديدًا للفنان بروس سبرينغستين، بعد أن وصف الأخير إدارته بـ"الخائنة والفاسدة" خلال جولة أوروبية، قال ترامب إن على الفنان أن "يلتزم الصمت حتى يعود إلى البلاد"، وهدد بإجراءات ضده.
ودعا الرئيس إلى "تحقيقات موسعة" تشمل سبرينغستين ونجوما آخرين مثل بيونسيه، أوبرا وينفري وبونو، في محاولة واضحة للرد على الانتقادات الثقافية التي تطاله من خارج المجال السياسي.
ورغم محاولات البيت الأبيض إنكار تبني ترامب لنهج صِفري في التعامل مع القضايا، أقر مسؤولون داخليون بأن التصعيد ضد هارفارد لم يكن وليد اللحظة، وقالوا إن المواجهة تطلبت وقتًا لتتبلور، وإن الرئيس أمهل الجامعة بما فيه الكفاية قبل اتخاذ خطوات تصعيدية.
انقسم الرأي العام الأمريكي حيال تصرفات ترامب، حيث اتفق بعض الجمهوريين والديمقراطيين على أن الجامعات الكبرى، ومنها هارفارد، تأخرت في معالجة ملفات ثقافية حساسة مثل معاداة السامية، واعتبروا أن التركيز على هذا الجانب أمر مشروع.
لكنّ حملة ترامب تجاوزت نطاق النقد الطبيعي، حيث شملت وقف تمويل بمليارات الدولارات وفتح عدة تحقيقات في ممارسات الجامعة، ما اعتبره كثيرون تصعيدًا غير مسبوق ضد مؤسسة أكاديمية.
وأشاد ترامب بموقف جامعة كولومبيا، التي قبلت التفاوض مع الإدارة الأمريكية ووافقت على بعض مطالبها، مشيرا إلى أن "كولومبيا لم تعد في موقف صعب"، في إشارة إلى انتهاء المواجهة معها، في المقابل، قال عن هارفارد: "إنهم يريدون القتال، ويريدون إظهار مدى ذكائهم، وهم يتعرضون للضرب".